كتابة وتحرير: محمود حسن عبد العليم

في أحيان كثيرة اتسائل ما الذى يجعل تيمة الإنتقام تيمة مميزة إلى هذه الدرجة ؟! ما الذي يجعلها بتلك الخصوصية، هل هي انعكاس لرغبة عارمة فى الإنتقام مما نقابله في حياتنا اليومية ولا نستطيع أن نفعل حياله أي شيء لذا ينعكس ذلك على ما نختاره من أفلام، فنقوم بمشاهدة أفلام تتحدث عن البطل الذى يتم ظلمه بطريقة أو بأخرى، فيسعى للإنتقام ممن ظلموه ثم ينتصر.. هل الظروف الإجتماعية والسياسية بمثابة محرك أساسى لما نختار مشاهدته من الأفلام؟ أم أن الأمر كله يرتبط بكيفية معالجة هذه التيمة ووضعها فى القالب المناسب؟!

فى هذا الموضوع سنستكمل الحديث عن أفلام الإنتقام المفضلة، وربما تأتينا إجابة أسئلتنا لاحقاً.

(1)

Upgrade 2018

“فى المستقبل القريب، والذى تسيطر فيه الألات على كل شيء، يصبح جراى وزوجته ضحية لعملية هجوم تقوم بها عصابة محلية، يُسفر الأمر عن موت زوجته وإصابته بالشلل التام، هنا يظهر كين والذى يخيره بين أن يضع له شريحة فريدة من نوعها فى عموده الفقرى ليعود للسير مرة أخرى وبين أن يبقى جليساً طوال حياته.. لكن ما لا يعلمه جراى أن اختياره هذا سيكلفه الكثير”

“لاى وانيل” الذى بدأ اسطورة “ساو أو المنشار ” الشهيرة حيث شارك المخرج جيمس وان فى كتابتها يعود بمشروعة الإخراجى الثانى بعد “انسيديوس الجزء الثالث”

“اب جريد” تشعر أنه حلقة مطولة من مسلسل “بلاك ميرور” وبرغم شعورك فى الوهلة الأولى أن القصة مألوفة وغير جديدة عليك إلا أننى أطالبك أن تُكمل المشاهدة لأنها تحمل بين ثناياها الكثير، الفيلم نجح وبقوة فى أن يغلب كل توقعاتى، فكلما مشى الخط السردى فى اتجاه  تقليدى وقلت لنفسى: الآن أعلم ما الذى يحدث، وجدته يخالف توقعاتى تماماً بالتواءة مثيرة للغاية إلى أن تصل للنهاية التى بالطبع ستترك شهقة بداخلك من فرط المفاجأة.

المشروع الإخراجى الثاني لـ “لاى وانيل” ينبىء عن مخرج واعد له اتجاهه الخاص وقدرته على تصوير مشاهد حركة فيها أكبر قدر من الإبداعية.. انصح به لمحبى افلام الحركة المخلوطة بالخيال العلمى.

(2)

John wick 2014

“القاتل المحترف والذى اعتزل كل شيء بعد أن تزوج حبيبته الوحيدة، يصبح مضطراً للرجوع إلى العالم السفلي الذى تركه مرة أخرى، وذلك بعد أن قاموا بقتل الشيء الوحيد الذى تركته له زوجته قبل الموت”

من في عالم السينما لا يعرف جون ويك ، الشخصية الأسطورية التى أعادت كيانو ريفز مرة أخرى إلى الأضواء بعد سلسلة من الإخفاقات المتكررة.

ديفيد ليتشو وتشاد ستالسكى يقدما مشروعهما الإخراجى الأول بعد أن عملا فترة كبيرة كمنفذا للمشاهد الخطرة فى أفلام شهيرة على رأسها ماتريكس، لذا فلك أن تتخيل عندما يقرر منفذا مشاهد خطرة إخراج فيلم حركة فى المقام الاول ماذا سيفعلا ؟!

(3)

Unforgiven 1992

“فى الغرب الأمريكي عندما يعتدي أحد الزبائن على فتاة تعمل فى بيت للدعارة ويقوم بتشويهها، يصبح على صديقاتها اللاتي يعملن معها جمع المال لإستئجار قاتل مأجور والإنتقام ممن فعل هذا، لكن إلى أى وجهة من الممكن أن يؤدى طريق الانتقام ؟! “

بعد أن ظننا أن الغرب الأمريكي قد انتهت جعبته من الأفلام يعود كلينت استود بتحفة كلاسيكية لا ينساها كل من شاهدها، فالبالغ من العمر وقتها 62 عاماً يقوم ببطولة وإخراج فيلم يتطلب مجهوداً بدنياً وعصبياً كبيراً بل ويفاجئنا بتحفة تفوز بأربع جوائز أوسكار هم أفضل ممثل فى دور ثانوى “جين هاكمان”، أفضل فيلم للسنة، أفضل مخرج، وأخيراً أفضل مونتاج للعظيم جويل كوكس.

الفيلم يعيد لنا أمجاد الغرب الأمريكي مرة أخرى، ولكن هذه المرة بواقعية قد تصل إلى حد البؤس أحياناً، فالبطل هو قاتل متقاعد عجوز لا تساعده صحته على فعل الكثير حتى أنه لا يقوى على السيطرة على حصانه أحياناً، لكنه يريد جني أكبر قدر من المال من أجل عائلته.. أداء عظيم قدمه استود واستحق عنه ترشيح عادل للأوسكار.

 (4)

Lady vengeance 2005

“عندما تخرج من السجن بعد قضائها لثلاثة عشر سنة ظلماً بسبب جريمة قتل لم ترتكبها تسعى للإنتقام من القاتل الحقيقي بأى ثمن، مستخدمة فى ذلك كل ما تعلمته خلال فترتها الطويلة فى السجن”

مرة أخرى نعود إلى السينما الكورية لنأخذ من بحرها الذى لا ينفذ، ومرة أخرى نعود إلى المخرج شون ووك بارك والذى قدم من قبل”اولد بوى” ثم قدم هذا الفيلم ضمن ثلاثيته الشهيرة والتى يسميها ” ثلاثية الإنتقام”

لم يتخلى بارك عن أدواته التى استخدمها سابقاً، فالشاعرية تُخيّم على كل شئ برغم الدموية الشديدة التي تدور حولها الأحداث، الصورة من أروع ما يمكن، ستشعر أن كل لقطة بمثابة لوحة فنية خاصة وهذا بالطبع لا يأتى على حساب النص أو الغرض الدرامى، فنحن أمام مخرج محنك لا يمكن أن يقع فى مثل هذا الخطأ.. أوصى هذا الفيلم بشدة لمن يريد أن يحصل على وجبة سينمائية مكتملة العناصر.

(5)

Man on fire 2004

“جون كريسي عميل المخابرات السابق والذي يعاني من الأرق والندم بسبب ما تركته مهنته السابقة بداخله يبدو أنه سيعود إلى ما كان يبرع فيه مرة أخرى، وذلك عندما يتم اختطاف الطفلة التى كان مسئولاً عن حراستها”

عندما تريد مشاهد فيلم حركة من العيار الثقيل بتقطيعات كثيرة تشعر من فرطها بأن القصة تلهث وراء بعضها مع جرعة درامية لا بأس بها فعليك بالطبع مشاهدة أحد افلام المخرج الراحل تونى سكوت.

سكوت الذي قدم من قبل “توب جن” و “فان” تشعر أنه فى أوج حالاته فى هذا الفيلم، أما دينزل فهو بالطبع لا يشق له غبار، تستطيع أن تشعر بمعاناته، ببؤسه وتتعاطف معه حتى عندما تراه يقوم بشيء غير أخلاقى فى سبيل الوصول للحقيقة.

وبرغم التعاونات العديدة بين سكوت و واشنطن إلا أنه من وجهة نظرى هذا أفضل عمل يجمعهما.

كتبه: محمود حسن عبد العليم