“الحصار”، يا لها من كلمةٍ ثقيلة الوطأة. إنها ليست مجرد مصطلحٍ سياسيٍ أو عسكريٍ كما اعتادت أسماعُنا، بل تحمل في طياتها ثقلاً هائلاً يكاد يُلخص معاناة الإنسانية. أو كما يقول الشاعر محمود درويش: “الحصار يحولني من مُغَنّ، إلى وتر سادس في الكمان”.
لا أعلم إن كان هذا من قبيل الصدفة، أم انه تلاقي للعقل الجمعي البشري، الذي قاد عدد من صناع السينما هذا الموسم نحو النبش في أسئلة الحصار. في عام لم يكن يخيم عليه سوى حصار خانق على قلة مستضعفة من البشر.
يمكننا أن نرى شبح الحصار يخيم على أفلام الأوسكار في فئة السيناريو المقتبس هذا العام، من زعيم عصابة محاصر داخل جسد امرأة، لمجموعة من الكرادلة محاصرين داخل كنيسة سيستين، وصولاً إلى طائرين فقدا حريتهما وأصبحا أسيرين داخل قفص مُوحش لا لشيء سوى جريمة لم يرتكبانها. ولكن أيهما أسوأ، الحصار المادي أم المعنوي؟ .. أو كما يتساءل تشيخوف في قصته «الرهان»: أيهما أكثر إنسانية، عقوبة الإعدام أم السجن مدى الحياة؟
رجال مريخيون ونساء زهريات
في كتابه «الرجال من المريخ النساء من الزهرة»، يستكشف الكاتب جون غراي جملة التشابكات والتعقيدات التي تقع في العلاقات بين الرجل والمرأة. يرى الطبيب النفسي أن أهل المريخ (الرجال) يمجدون قيمًا مادية كالقوة والهيمنة، فهم دائمًا ما يحددون ذاتهم من خلال قدرتهم على تحقيق النتائج، ولا يشعرون بالإشباع إلا من خلال تحقيقهم لمكاسب ملموسة مثل النجاح. أما الزهريات (النساء) فلديهن قيم مختلفة، إنهن يقدرن الحب والاتصال والجمال والعلاقات، حيث يقضين وقتًا طويلاً في مساندة ومساعدة ورعاية بعضهن البعض. إنَّ فكرتهن عن أنفسهن تُحدَّد عن طريق مشاعرهن ونوعية علاقاتهن، إنهن يشعرن بالإشباع بالمشاركة والتواصل.
هذا المقطع السابق، ربما يكون بمثابة قطعة الأحجية المفقودة في لغز شخصية “مانيتاس”، الذي يعيش حالة من اضطراب الهوية الجنسية المُغلف بمشاعر التيه واليأس، كمن يسبح بين حطام سفينة ويهرع ليجمع أجزاءها واحدة تلو الأخرى لينجو بنفسه، آملاً أن يعيش حياته الحقيقية التي لم تمنحه إياها الطبيعة. وهذه الحياة/ السعادة لن يجدها إلا بين ضلوع جسد “إيميليا”.
في فيلمه Emilia Pérez، المقتبس عن رواية Ecoute للكاتب بوريس رازون، يبني المخرج الفرنسي جاك أوديار، عوالم شخصيته الرئيسية من منطلق نظرية “غراي”، رجال مريخيون ونساء زهريات. فيؤطر شخصية زعيم أحد الكارتلات المكسيكية مانيتاس ديل مونتي (كارلا صوفيا جاسكون) في صورة رجل ذو وجه مجعد موشوم ولحية كثيفة، نادرًا ما نراه خارج بقعة الظلام المرتبطة بإجرامه القذر، تفوح رائحته ونبرة صوته الخشنة المكتومة بالهيمنة والعنف والذكورة. أما “إيميليا” فهي على النقيض تمامًا، امرأة ساحرة، ترتدي الزي المثالي لكل مناسبة، وتدفعها رغبتها الأمومية القوية في حماية ورعاية أطفالها.
إن “مانيتاس” لا يرمز إلى الذكورة المتجذرة فحسب، بل إلى العنف والشر أيضًا. وتمثل إميليا بدورها الأنوثة وكذلك الإحسان والخير. فالذكورة وحشية والأنوثة فضيلة، كما يرى أوديار. وهذا ما يجعل جملة هذه التناقضات في شخصية (مانيتاس/ إيميليا) متشابكة إلى الحد الذي يجعل النوع الجنسي في السياق السردي للعمل أشبه بحصار داخلي مُكبل لهذه الشخصية، التي لطالما كانت شخصين سجينين في جسد واحد، هويته الأنثوية الحقيقية التي تمناها منذ الطفولة، والوحش الذكوري الذي يتبعه كظله. ولكن، أين يكمن الخلل؟
إن التحول الجنسي في Emilia Pérez لا يُظهر فضولًا كبيرًا بشأن الحياة الداخلية لشخصية (مانيتاس/ إيميليا)؛ حيث يعامل هويتها العابرة كمصدر للجرأة، أو رمزًا للحرية، أو تحولاً سحرياً يمحو أفعال الشخصية الإجرامية السابقة سيئة السمعة. وهذا يُسطح ما كان يمكن أن يكون بذرة لشخصية بشرية معقدة إلى شيء أكثر نموذجية. لم يذهب “أوديار” خلف المناطق الرمادية المليئة بالعيوب والتعقيدات التي تحددنا كبشر، فنحن أكثر ثراءً من مجرد لونين أبيض وأسود، نصف رجل ونصف امرأة، نصف زعيم ونصف ملكة. هذا النهج الاختزالي الساذج يجعل القصة بلا أنياب حقيقية ويصبح مجرد إدعاءً مفاده أن “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”.
على جانب آخر، يقدم فيلم Conclave للمخرج إدوارد بيرغر، مقتبسًا عن رواية روبرت هاريس، قراءة أكثر إنسانية حول الهوية الجنسية، على الرغم من اختلافها عما هي عليه في فيلم Emilia Pérez، إضافة إلى كونها ليست المحور الأساسي لدراما الفاتيكان التي تتلاعب على أوتار الشك واليقين. إن اجتماع الكرادلة الكاثوليك في الفاتيكان للتصويت على البابا الجديد، لهو طقس ديني مقدس أقرب إلى الاحتجاز، حصار خانق نكاد نشعر بسطوته داخل أروقة كنيسة سيستين الشاهقة حيث لا مجال لتسلل ضوء الشمس عبر نوافذها المُوصدة، أو إلى غرف الكرادلة الأشبه بزنازين سجن شديد الحراسة.
ينعكس هذا الحصار المادي بدوره على شخصيات الفيلم، فينقلب إلى حصار نفسي شديد التعقيد نلحظ أثره على الكاردينال لورانس (ريف فاينز)، الذي يعيش أزمة إيمان طاحنة تزلزل وجدانه وتدفعه للاعتقاد بأنه يفتقر للعمق الروحي ليصبح الحبر الأعظم، وجل ما يتمناه هو الهروب من هذا الحصار الخانق والعيش في سلام. يتنقل لورانس عبر طبقات من فساد الفاتيكان، حيث يكشف كل بابا محتمل عن وجوه من الجشع والافتراس والرجعية، وهذا ما يُصعب من مهمة لورانس باعتباره المسؤول عن شفافية التصويت في هذا الاجتماع السري، ولكن السر الذي يحمله الكاردينال بينيتيز، قد يقلب الكنيسة الكاثوليكية رأسًا على عقب.
في نهاية الفيلم، وبعدما يتم انتخاب الكاردينال بينيتيز (كارلوس دييز)، يواجهه لورانس بشأن مزاعم تتعلق بحالته الصحية التي لم يكن يعلم خباياها سوى البابا الراحل. يكشف بينيتيز أنه خنثوي – وُلد بعضو ذكري ورحم ومبايض – وهي حقيقة لم يكتشفها إلا بعد استئصال الزائدة الدودية في أواخر الثلاثينيات من عمره. يشعر بينيتيز بأنه خان الكنيسة، وحين اعترف بموقفه للبابا وعرض عليه الاستقالة، ساعده الأخير في ترتيب عملية جراحية لإزالة الرحم بالمنظار، لكن بينيتيز غير رأيه في اللحظة الأخيرة: “لقد بدا لي أن تغيير عمل الله أكثر خطيئة من ترك جسدي كما هو. أنا ما خلقني الله عليه. ربما يكون اختلافي هو ما يجعلني أكثر فائدة، فأنا أعلم ما معنى العيش بين يقينيات العالم”.
إن شخصية بينيتيز هي دليل حي على أن التعريفات المُحددة لما هو الإنسان وما ليس عليه، ليست بالشيء اليقيني الملموس، وإنما عالم من الغموض والشك: “لو كان هناك يقين فقط بدون شك، فلن يكون هناك أي غموض، وبالتالي لا حاجة لنا بالإيمان”، كما يقول لورانس في عظته.
إن “سر” بينيتيز هو ببساطة بيولوجيته – حقيقة متأصلة في وجوده الذي خلقه الله عليه، وليس فشلاً أخلاقيًا. ويتناقض هذا الوجود بشكل حاد مع شخصيات مليئة بالذكورية السامة، مثل الكاردينال تيديسكو (سيرجيو كاستيليتو)، الذي يمثل ماضِ الكنيسة العنيف. أو الكاردينال الآثم آديمي (لوسيان مساماتي)، الذي يمتلك صك إرسال البشر إما للجنة أو النار. هنا، يُحيل “بيرغر” الافتقار للعاطفة باعتباره الفشل الحقيقي الذي يمثل محنة هذه الكنيسة، وهذه الحالة من جفاف المشاعر يمكننا رؤيتها في تفاصيل بسيطة تلخص نظرتهم للمرأة – باستثناء بينيتيز الذي ذكرهن في صلاته – على لسان الأخت أغنيس (إيزابيلا روسيليني): “على الرغم من أنه من المفترض أن نكون نحن الأخوات غير مرئيات، إلا أن الله أعطانا عيونًا وآذانًا”.
في الوقت نفسه، يجسد بينيتيز رؤية أكثر انفتاحًا وتقدمية، وهي الرؤية التي غالبًا ما تضيع في المحادثات السائدة حول الدين والجنس. يتساءل الفيلم عما إذا كانت هوية بينيتيز الجنسية يجب أن تمنعه من قيادة الكنيسة؟ .. والإجابة، نحصل عليها في اللقطة الأخيرة؛ حين يُعاد فتح النوافذ، فيسترق لورانس من خلفها نظرات يملؤها الدفء إلى مجموعة من الراهبات الشابات وهن يضحكن ويتحدثن وكأنهن ممتلئات بالحياة والأمل، فيشعر حينها أنه اتخذ القرار الصائب.
أغنية الطائر الحبيس
“الطيرُ الحبيسُ يغنّي برعشةٍ خائفة
عن أشياء لا يعرفها .. لكنه يتوق إليها
وألحانه، تُسمَع في الهِضاب القـصيّة
ذاك أن الطيرَ الحبيس .. يغنّي عن الحرية”.
هذه الأبيات الشعرية التي نسجتها الكاتبة والشاعرة الأمريكية مايا أنجيلو، في سيرتها الذاتية «أعرف لماذا يغرد الطائر الحبيس»، كانت بمثابة شفاءٍ لروحها بعد واقعة اغتصاب أليمة شوهت براءة طفولتها وسط بيئة عنصرية تسلب إنسانية السود؛ فكانا الأدب والشعر هما ملاذها الوحيد لاستعادة صوتها المجروح. ربما تكون هذه الكلمات القاسية في رقتها هي تعبيرًا مجازيًا أيضًا يمكن أن ينطبق على حلم الحرية المفقود الذي وجده أبطال فيلم Sing Sing في نوع آخر من الفنون، وهو المسرح.
فعلى الرغم من أن اسم الفيلم، المقتبس عن كتاب «حماقات سينج سينج» لجون ريتشاردسون، يشير بشكل واضح إلى سجن “Sing Sing” شديد الحراسة الواقع على ضفاف نهر هدسون بنيويورك، إلا أن المخرج جريج كويدار، استخدم عنوان الفيلم كنوع من التلاعب اللفظي لإضافة لمسة من الأمل لكل شخصية، وقصة. Sing Sing أو “غنِ غنِ”، ذلك الهتاف المخلص الذي يتردد طوال الفيلم، قد يشير أيضًا إلى الطريقة التي يسمح بها الفن بتحرير خيال الشخصيات والتحليق لآفاق أرحب. إن الفنون توفر وسيلة للهروب من الواقع. فالفن هو مرادف الحرية.
في الوقت الذي ينخرط فيه مجموعة من المسجونين في أحد برامج المسرح، يركز Sing Sing على سؤال هام: كيف يمكن لشكسبير على وجه التحديد والمسرح بشكل عام أن يكونا مصدرًا للشفاء والأمل لهؤلاء الرجال؟ .. فما أجمل من أن تحلق رفقة “هاملت” و”الملك لير” إلى عنان خيالك. فأنا أعلم ما يعنيه الأمر جيدًا، فلقد كانت تلك وسيلتي الوحيدة خلال فترة دراستي الأكاديمية للهروب من الواقع، حيث اعتدت الجلوس في تلك الغرفة الصغيرة التي لم يكن بها أي وسيلة للمتعة سوى القراءة. إن Sing Sing يذكرني بحجرتي الضيقة القديمة، إنه أشبه بسجن، بل إنه سجنٍ بالفعل؛ ولكن نوافذه ليست مغلفة بقضبان حديدية صدئة وإنما بأغصان وأزهار وردية.
يفتتح الفيلم بمنولوج من مسرحية «حلم ليلة منتصف الصيف» يلقيه جون ويتفيلد (كولمان دومينغو)، في واحد من أفضل أداءاته التمثيلية، عن صعوبة مسار الحب الذي قد ينتهي في أي لحظة، فيصبح عابرًا كالصوت، سريعًا كالظل، قصيرًا كأي حلم، وقبل أن يدرك الشخص حقيقة الأمر، تبتلعه فوهة الظلام؛ كتلك التي تبتلع بطلنا، الذي يعود إلى واقعه القاسي بعد أن ينتهي من ترديد تلك الكلمات.
إن اختيار «حلم ليلة منتصف الصيف» كافتتاحية لهذا الفيلم، لهو قرار مثير للاهتمام من كويدار، إذ أن بناء المسرحية الدرامي قائم على تقنية الميتاتياترو (المسرح داخل المسرح)، وهي أداة جمالية تفترض العالم مسرحًا كبيرًا يلعب فيه كل إنسان دوره المحدد، وبالتالي تلعب المسرحية على فكرة عالم الخيال الذي يوازي الواقع. وهذا بالتحديد ما يقوم عليه Sing Sing، فهؤلاء المسجونون يتواجدون في هذا العالم الخيالي (المسرح) لكي يصبحوا بشرًا مرة أخرى: “لنرتدي ملابس جميلة ونرقص ونستمتع بالأشياء التي ليست موجودة في واقعنا”، كما يصف أحدهم. وهذا المجاز يمكننا أن نلاحظه أيضًا في واحد من أهم أفلام الموسم Ghostlight، والقائم على واحدة من مسرحيات شكسبير الشهيرة، حينما تقول ديزي لوالدها: “بصفتي شخصًا لجأ باستمرار إلى شكسبير، فأنا أعلم كيف يمكن أن يساعدك العيش بصدق في ظروف خيالية على القيام بنفس الشيء في الحياة الواقعية”.
لم يقف كويدار في تلاعبه السردي عند هذا الحد، إذ قام بمساعدة الكاتب المشارك كلينت بينتلي، بالاستعانة بمسجونين سابقين لأداء شخصياتهم الحقيقية. فبالنسبة لهؤلاء الرجال، الذين سُجِنوا سابقًا في تلك المنشأة الإصلاحية في نيويورك، فإن حماسهم ينبع من رغبة عميقة في مشاركة إنسانيتهم مع العالم، من خلال وسيط ساعدهم على اكتشاف ذواتهم، وأعاد صياغة منظورهم لحريتهم الشخصية. ففي واحدة من لحظات الفيلم الدافئة، يشارك أحد المسجونين السابقين تجربته حول مفهوم الحرية، فيقول: “استيقظ في الثانية فجرًا، وأصنع بعض الفطائر، لا لشيء سوى أنني أستطيع فعل ذلك”.
هذا المستوى من التعمق في سؤال الحرية نراه متجذرًا في فيلم الدراما المُلفت للانتباه Nickel Boys، والذي يستعرض قصة جريئة عن مراهقين سود “إل وود” و”ترنر”، واللذين يواجهان محنة قاسية داخل واحدة من الاصلاحيات القذرة خلال ذروة الفصل العنصري في فلوريدا في الستينيات.
إن ما يجعل هذا الفيلم – المقتبس عن رواية كولسون وايتهايد – فريدًا في نهجه السردي، هو القرار الجريء للمخرج والكاتب المشارك راميل روس، والكاتبة المشاركة جوسلين بارنز، بتحويل مسار السرد للفيلم بأكمله تقريبًا ليروي من خلال أعين “إل وود” و”ترنر”، وهو ما يمنحنا كمشاهدين تجربة شديدة الخصوصية لرؤية العالم والشعور به من خلال عيون السود. وهذا ما يجعل الومضات التي نلمح خلالها وجه المراهقين، سواء في انعكاس المكواة الكهربائية، أو واجهة متجر، أو مرآة السيارة، هي لحظات لا تقدر بثمن.
وهذه الأسلوبية تتضح منذ المشهد الافتتاحي الذي ننغمس خلاله في تتابع مونتاجي دافئ، حيث نرى ونسمع بأعين وآذان “إل وود” كيف يغازل جمال الطبيعة الهادئ وهو يتحسس خطاه الأولى نحو العالم، وكأننا نظر معه لأفق متسع لا نهاية له؛ قبل أن تتسخ براءة الطفولة فور انتقاله لإصلاحية “نيكل” بسبب جريمة لم يرتكبها، كما هو الحال مع “جون ويتفيلد” في Sing Sing.
وعلى عكس Sing Sing، فإن أول ما يتعلمه إل وود في “نيكل” هو أن يخلع عباءة حريته، وأن يُودّع خُطب ملهمه مارتن لوثر كينج، التي تُعلي من قيم الإنسانية والعدالة، ليتحول إلى ما يشبه عبيد الحقول، حيث يقضي ساعات النهار الحارقة في قطف ثمار البرتقال، الذي لا ينعم هو ورفاقه بشرابه حتى. فلا سبيل للابتعاد عن هواء “نيكل” الخشن ورائحته الخانقة، سوى بقضاء عقوبتك، أو تجاوز السن القانوني، أو الموت، أو الهرب – إن حالفك القدر.
ورغم الممارسات الوحشية داخل “نيكل”، فإن “إل وود” لا يزال يؤمن بأن أي عقبة يمكن التغلب عليها بالعزيمة، في حين يرى “ترنر” أن البقاء على قيد الحياة هو المفتاح. إن علاقتهما تمثل امتدادًا لمسار توني كيرتس وسيدني بواتييه في The Defiant Ones، وهو الفيلم الذي أشار إليه “روس” عدة مرات. إن فيلم “بواتييه” هو بالطبع من نسج خيال هوليوود البيضاء، التي ترى أن العنصرية قد يتم حلها من خلال الاحترام المتبادل، وبعض التضحية بالنفس من جانب السود. ولكن، من ناحية أخرى، لا يقع فيلم Nickel Boys أسيرًا لتلك الأوهام. فالتحرر طريق صعب، وأي مفهوم للحرية له ثمن باهظ.